كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ):
(قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمَا) لَا يَخْفَى قُرْبُ حَمْلِ مِنْ عَلَى التَّبْعِيضِ بَلْ أَقْرَبِيَّتُهُ أَيْ بَابُ الْأَفْرَادِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ النِّكَاحِ وَأَمَّا حَمْلُ مِنْ عَلَى الْبَيَانِ فَيَلْزَمُهُ نُقْصَانُ الْبَيَانِ وَاحْتِيَاجُهُ لِلتَّقْيِيدِ.
(قَوْلُهُ: سَاوَتْ) يُتَأَمَّلُ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ) تَبِعَ الْقَمُولِيُّ م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَفَاتَ ذَلِكَ الِامْتِنَانُ) فِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ الِامْتِنَانِ بِأَعْظَمِ الْأَمْرَيْنِ قَوْلُهُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ» لِلْقَمُولِيِّ أَيْ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ لَا يُقَالُ حَقِيقَتُهُ التَّحْرِيمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إنَّمَا الَّذِي حَقِيقَتُهُ التَّحْرِيمُ هُوَ الصِّيغَةُ أَيْ لَا تَفْعَلْ بِخِلَافِ لَفْظِ النَّهْيِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ فَإِنْ قُلْتَ: إنَّ الرَّاوِيَ سَمِعَ الصِّيغَةَ فَقَالَ: نَهَى إلَخْ، قُلْتُ: مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنَّهُ قَالَ أَنْهَاكُمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي يَثْبُتُ سَائِرُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ) فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِنْ جَاءَتْ فِي صُورَةِ نَحْوِ حِمَارَةٍ وَكَلْبَةٍ م ر.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِ الزَّوْجِ) هَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ.
(قَوْلُهُ: فِي ظَاهِرٍ يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُشَارِكٌ لَهَا فِي اعْتِقَادِ الْحُرْمَةِ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ الظَّاهِرُ فَكَانَتْ الْحُرْمَةُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَتَمَّ مِمَّا اخْتَصَّتْ بِاعْتِقَادِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ لَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَ الْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى فِي اعْتِقَادِهَا) مَحَلُّ نَظَرٍ.
(باب مَا يُحَرَّمُ مِنْ النِّكَاحِ):
(قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمَا) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهَا اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمَا) لَا يَخْفَى قُرْبُ حَمْلِ مِنْ عَلَى التَّبْعِيضِ بَلْ أَقْرَبِيَّتُهُ أَيْ بَابُ الْأَفْرَادِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ النِّكَاحِ وَأَمَّا حَمْلُ مِنْ عَلَى الْبَيَانِ فَيَلْزَمُهُ نُقْصَانُ الْبَيَانِ وَاحْتِيَاجُهُ لِلتَّقْيِيدِ. اهـ. سم وَأَقَرَّهُ الرَّشِيدِيُّ وَقَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ نُقْصَانُ الْبَيَانِ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ جَمِيعَ أَفْرَادِ النِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَوْلُهُ: وَاحْتِيَاجُهُ لِلتَّقْيِيدِ أَيْ بِقَيْدٍ لِذَاتِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّقْيِيدَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنْ حَمَلَ مِنْ عَلَى التَّبْعِيضِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْحَلَبِيُّ حَيْثُ قَالَ أَيْ بَابُ بَيَانِ الْأَفْرَادِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ النِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ أَيْ لَا لِعَارِضٍ كَالْإِحْرَامِ بَلْ لِذَاتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قَيَّدَ بِقَيْدٍ لِذَاتِهِ الْمُتَبَادَرِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ سَاوَتْ إلَخْ أَيْ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَا يَمْنَعُهُ لِذَاتِهِ وَقَدْ يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ تَوَقُّفُ سم وَاسْتِظْهَارُ الرَّشِيدِيِّ إيَّاهُ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: سَاوَتْ إلَخْ أَشَارَ الشِّهَابُ سم إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ وَالتَّوَقُّفُ فِيهِ ظَاهِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الثَّانِي فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لِإِنْسِيٍّ إلَخْ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَوَالِدِهِ عِبَارَتُهُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَمُولِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَاعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَالْحَلَبِيُّ وَشَيْخُنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ الِامْتِنَانُ الْمَذْكُورُ وَقَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَفَاتَ ذَلِكَ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ سم وَغَيْرُهُ بِجَوَازِ الِامْتِنَانِ بِأَعْظَمِ الْأَمْرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَخْ) لِلْقَمُولِيِّ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ لَا يُقَالُ حَقِيقَتُهُ التَّحْرِيمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا الَّذِي حَقِيقَتُهُ التَّحْرِيمُ هُوَ الصِّيغَةُ أَيْ لَا تَفْعَلْ بِخِلَافِ لَفْظِ النَّهْيِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ فَإِنْ قُلْت: قَوْلُ الرَّاوِي نَهَى أَيْ أَتَى بِالصِّيغَةِ قُلْت: مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنَّهُ قَالَ أَنْهَاكُمْ. اهـ. سم وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى الِامْتِنَانِ بِأَعْظَمِ الْأَمْرَيْنِ وَحَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى الْكَرَاهَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا خِلَافُ الظَّاهِرِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي) أَيْ قَوْلِ الْقَمُولِيِّ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: يَثْبُتُ سَائِرُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ) فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِنْ جَاءَتْ فِي صُورَةِ نَحْوِ حِمَارَةٍ أَوْ كَلْبَةٍ م ر. اهـ. سم وع ش زَادَ شَيْخُنَا وَكَذَا عَكْسُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنْسِيِّ إلَخْ) فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِمَسِّهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِوَطْئِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَمِنْهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْآدَمِيَّةِ لَوْ كَانَتْ زَوْجَةً وَأَمَّا الْجِنِّيُّ مِنْهُمَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَحْكَامِنَا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِ الزَّوْجِ إلَخْ) هَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إنْسِيًّا وَالْآخَرُ جِنِّيًّا.
(قَوْلُهُ: فَرَأَى حِلَّ الْوَطْءِ إلَخْ) كَمَا يَأْتِي مِثَالُهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: أَنَّهَا تُمَكِّنُهُ) بَيَانٌ لِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: يُنَافِيهِ إلَخْ خَبَرُهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ مَا يَأْتِي إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي ظَاهِرِ إلَخْ) أَيْ كَنِكَاحِ ثَانٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا بِلَا مُحَلِّلٍ أَيْ وَثَبَتَ هَذَا عِنْدَهُمَا مَعًا، وَقَوْلُهُ: وَبَاطِنٍ أَيْ كَبُطْلَانِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَيْ وَثَبَتَ هَذَا عِنْدَ الزَّوْجِ فَقَطْ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ: سم إنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَ الْحُكْمِ. اهـ. وَقَوْلُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ فِي اعْتِقَادِهِمَا الظَّاهِرُ فِي اعْتِقَادِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَوْنَ ذَاكَ فِي ظَاهِرٍ يُحَرِّمُهَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ إنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الزَّوْجِ لَا الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ تَنَاوُلِ النَّبِيذِ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ الْمَنْعِ.
(قَوْلُهُ: قُلْت تَمْكِينُهَا إلَخْ) فِيهِ شُبْهَةُ مُصَادَرَةٍ فَتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدْ عُمَرْ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى فِي اعْتِقَادِهَا) مَحَلُّ نَظَرٍ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّقَذُّرِ) عَطْفٌ عَلَى نَحْوُ النُّشُوزِ أَوْ عَلَى النُّشُوزِ وَقَوْلُهُ الْمُنَافِي نَعْتٌ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ إلَخْ.
(فَائِدَةٌ).
الْجِنُّ أَجْسَامٌ هَوَائِيَّةٌ أَوْ نَارِيَّةٌ أَيْ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَهُمْ مُرَكَّبُونَ مِنْ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ كَالْمَلَائِكَةِ عَلَى قَوْلٍ وَقِيلَ: أَرْوَاحٌ مُجَرَّدَةٌ وَقِيلَ نُفُوسٌ بَشَرِيَّةٌ مُفَارِقَةٌ عَنْ أَبْدَانِهَا وَعَلَى كُلٍّ فَلَهُمْ عُقُولٌ وَفَهْمٌ وَيَقْدِرُونَ عَلَى التَّشَكُّلِ بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ وَعَلَى الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ فِي أَسْرَعِ زَمَنٍ وَصَحَّ خَبَرُ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ ذَوُو أَجْنِحَةٍ يَطِيرُونَ بِهَا وَحَيَّاتٍ وَآخَرُونَ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ وَنُوزِعَ فِي قُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّشَكُّلِ بِاسْتِلْزَامِهِ رَفْعَ الثِّقَةِ بِشَيْءٍ فَإِنَّ مَنْ رَأَى وَلَوْ وَلَدَهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ جِنِّيٌّ تَشَكَّلَ بِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَفَّلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بِعِصْمَتِهَا عَنْ أَنْ يَقَعَ فِيهَا مَا يُؤَدِّي لِمِثْلِ ذَلِكَ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الرِّيبَةُ فِي الدِّينِ وَرَفْعُ الثِّقَةِ بِعَالِمٍ وَغَيْرِهِ فَاسْتَحَالَ شَرْعًا الِاسْتِلْزَامُ الْمَذْكُورُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَآهُمْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَعُزِّرَ لِمُخَالَفَتِهِ الْقُرْآنَ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أُخِذَ مِنْهُ قَوْلُهُ مَنْ مَنَعَ التَّفْضِيلَ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عُزِّرَ لِمُخَالَفَتِهِ الْقُرْآنَ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ عَلَى زَاعِمٍ رُؤْيَةَ صُوَرِهِمْ الَّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا وَلَمَّا عَرَّفَ الْبَيْضَاوِيُّ الْجِنَّ فِي تَفْسِيرِ: {قُلْ أُوحِيَ} بِنَحْوِ مَا مَرَّ قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَآهُمْ وَلَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ حُضُورُهُمْ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِ قِرَاءَتَهُ فَسَمِعُوهَا فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ. اهـ. وَكَأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْكَثِيرَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِرُؤْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ وَقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ وَسُؤَالِهِمْ مِنْهُ الزَّادَ لَهُمْ وَلِدَوَابِّهِمْ عَلَى كَيْفِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَا يَسْقُطُ عَنَّا مَا كُلِّفْنَا بِهِ مِنْ نَحْوِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ بِفِعْلِهِمْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ وَإِنْ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلِّفُوا بِشَرْعِهِ إجْمَاعًا ضَرُورِيًّا فَيُكَفَّرُ مُنْكِرُهُ لَهُمْ تَكَالِيفُ اُخْتُصُّوا بِهَا لَا تُعْلَمُ تَفَاصِيلُهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا إجْرَاءَ غَيْرِ وَاحِدٍ عَلَيْهِمْ بَعْضَ الْأَحْكَامِ كَانْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ مَعَنَا وَصِحَّةِ إمَامَتِهِمْ لَنَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ مُؤْمِنِيهِمْ يُثَابُونَ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ لَا يَدْخُلُونَهَا وَثَوَابُهُمْ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ بَالَغُوا فِي رَدِّهِ عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَخَذَ دُخُولَهُمْ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ الْقُرْآنَ) إنْ أُرِيدَ قَوْله تَعَالَى: {إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} فَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الْآيَةِ إثْبَاتُ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ تَمَكُّنُهُمْ مِنْ رُؤْيَتِنَا فِي حَالَةٍ لَا نَرَاهُمْ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا عُمُومٌ وَلَا حَصْرٌ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّ لَنَا حَالَةً أُخْرَى نَرَاهُمْ فِيهَا خُصُوصًا وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَدِلَّةُ بِرُؤْيَتِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَنْ مَنَعَ التَّفْضِيلَ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عُزِّرَ لِمُخَالَفَتِهِ الْقُرْآنَ) قَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ مَنْعُ التَّفْضِيلِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالتَّفْضِيلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} وَعَدَمُ تَأْوِيلِهِ فَلَا يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّعْزِيرِ بَلْ يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِالْكُفْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ رَدٌّ لِلْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَإِنْ أُرِيدَ مَنْعُ التَّفْضِيلِ مَعَ الْجَهْلِ بِمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَعَ اعْتِقَادِ تَأْوِيلِهِ عَلَى وَجْهٍ يُعْذَرُ فِيهِ فَلَا يَنْبَغِي التَّعْزِيرُ لِعُذْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلٍ) رَاجِعٌ إلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: أَرْوَاحٌ) أَيْ الْجِنُّ أَرْوَاحٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِاسْتِلْزَامِهِ) أَيْ اقْتِدَارِهِمْ عَلَى التَّشَكُّلِ.
(قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ الْقُرْآنَ) إنْ أُرِيدَ بِهِ قَوْله تَعَالَى: {إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الْآيَةِ إثْبَاتُ حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ تَمَكُّنُهُمْ مِنْ رُؤْيَتِنَا فِي حَالَةٍ لَا نَرَاهُمْ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا عُمُومٌ وَلَا حَصْرٌ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّ لَنَا حَالَةً أُخْرَى نَرَاهُمْ فِيهَا خُصُوصًا وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَدِلَّةُ بِرُؤْيَتِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مَنْ مَنَعَ التَّفْضِيلَ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ مَنْعُ التَّفْضِيلِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} وَعَدَمُ تَأْوِيلِهِ فَلَا يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّعْزِيرِ بَلْ يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِالْكُفْرِ وَإِنْ أُرِيدَ الْمَنْعُ مَعَ الْجَهْلِ بِمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَعَ اعْتِقَادِ تَأْوِيلِهِ عَلَى وَجْهٍ يُعْذَرُ فِيهِ فَلَا يَنْبَغِي التَّعْزِيرُ لِعُذْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا فِي الْفَائِدَةِ.
(قَوْلُهُ: لَهُمْ تَكَالِيفُ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ لَهُمْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ قَوْلَهُ: وَلَا يَسْقُطُ عَنَّا إلَخْ إجْرَاءُ غَيْرِ وَاحِدٍ إلَخْ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ الظَّاهِرَةِ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ.
(قَوْلُهُ: وَالْجُمْهُورُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ عَلَى إلَخْ أَيْ ذَهَبُوا عَلَى إلَخْ خَبَرُهُ.
(قَوْلُهُ: نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) أَيْ فَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فَقَوْلُهُ: غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ غَيْرُ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيْ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَهُوَ إمَّا مُؤَبَّدٌ وَإِمَّا غَيْرُهُ وَأَسْبَابُ الْمُؤَبَّدِ قَرَابَةٌ وَرَضَاعٌ وَمُصَاهَرَةٌ لِآيَةِ النِّسَاءِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} مَعَ آيَةِ الْأَحْزَابِ: {وَبَنَاتِ عَمِّكَ} إلَى آخِرِهِمَا وَأَخْصَرُ ضَابِطٍ لِلْقَرَابَةِ أَنَّهُ يُحَرَّمُ جَمِيعُ مَنْ شَمِلَتْهُ مَا عَدَا وَلَدَ الْعُمُومَةِ وَوَلَدَ الْخُؤُولَةِ فَحِينَئِذٍ (تُحَرَّمُ الْأُمَّهَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي إذْ الْأَعْيَانُ لَا تُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ التَّقْدِيرُ وَطْؤُهُنَّ فَيُحَدُّ بِوَطْءِ مَمْلُوكَتِهِ الْمَحْرَمِ عَلَى هَذَا إذْ لَا شُبْهَةَ بَعْدَ النَّصِّ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ دُونَ الْأَوَّلِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْأُمِّ فَهِيَ يُحَدُّ بِوَطْئِهَا اتِّفَاقًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وَطْؤُهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا الْمَعْلُومِ ضَرُورَةً بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ عَلَيْهِ بَلْ أَقْوَى وَقَدْ صَرَّحُوا بِنَفْيِ الْحَدِّ مَعَ ذَلِكَ فَاقْتَضَى ضَعْفَ ذَلِكَ التَّفْرِيعِ كَمَا أَطْلَقَهُ فِي الْأُمِّ إذْ يُتَصَوَّرُ مِلْكُ وَلَدِهَا لَهَا كَالْمُكَاتَبِ (وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك) وَهِيَ الْجَدَّةُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ عَلَتْ (فَهِيَ أُمُّك) حَقِيقَةً عِنْدَ عَدَمِ الْوَاسِطَةِ وَمَجَازًا عِنْدَ وُجُودِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَحُرْمَةُ أَزْوَاجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الِاحْتِرَامِ فَهِيَ أُمُومَةُ غَيْرِ مَا نَحْنُ فِيهِ.